مع نجاح الوساطة الإثيوبية في تهدئة التوتر بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، يتساءل مراقبون عن خيارات التفاوض المتاحة أمام كل طرف، لا سيما أن الاتفاق على المجلس السيادي بتسليم رئاسته للجيش أو للمدنيين قد يقلص من سيطرة نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد دقلو المعروف بحميدتي على مقاليد الأمور بالخرطوم.
وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت -بعد إطلاق سراحه من الاعتقال وعودة الطرفين للتفاوض من خلال الوسطاء- إن هدف قوى التغيير هو تشكيل مجلس بأغلبية مدنية، وبتمثيل عسكري لمن تحددهم القوات المسلحة السودانية، وليس بالضرورة من قيادات المجلس العسكري.
وأبدى عصمت تفاؤله بنتيجة إيجابية للمفاوضات مع المجلس العسكري، مؤكدا أن قوى التغيير لم تفقد الثقة في الجيش السوداني رغم المجزرة التي وقعت في الثالث من الشهر الجاري.
وبرر تفاؤله في التوصل إلى اتفاق بقوله إن السودانيين في المواقف الصعبة يتوصلون إلى حل لمشاكلهم وليس المساومة عليها، إذ لا يمكن المساومة على حلم السودانيين في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
الوفاء بالوعود
ومع تدافع الأحداث في الساحة السياسية، رأى الناشط في قوى المجتمع المدني عماد آدم ضرورة أن يفي المجلس العسكري بوعده في الكشف عن حقائق كثيرة خاصة في ما يتعلق بالتحقيق في مقتل المعتصمين بساحة الميدان، لأن تراكم الوعود يفاقم حالة عدم الثقة بين الطرفين.
وأضاف أن المجلس العسكري يسعى إلى تخفيف ضغط كارثة فض الاعتصام بالقوة، وربما تعمد إبطاء التسوية مع قوى التغيير كي يتمكن من امتصاص الضغوط الواقعة عليه من أطراف دولية عديدة.
خيارات التفاوض
من جهته، رأى خبير القانون الدولي مهدي إسماعيل أن خيارات التفاوض بين الجانبين تبدو محدودة، لأن الطرفين استنفدا أوراق الضغط لكليهما، ولم يعد أمامهما إلا التوصل إلى اتفاق تعايش يهدئ من روع جماهير قوى التغيير الغاضبة، ويجعل قادة المجلس قادرين على حماية أنفسهم من أي تغيير قد يطرأ داخل مؤسسة الجيش.
وقال إسماعيل إن على المجلس العسكري أن يسعى إلى تحسين صورته أمام المجتمع الدولي بتقديم تنازلات كبرى اليوم قبل الغد، في إشارة إلى زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي للخرطوم.
واعتبر أن قوى التغيير تستطيع تحقيق بعض المكاسب من خلال التفاوض مستفيدةً مما يعانيه المجلس العسكري من حصار داخلي وخارجي، رغم أن الاتفاق بين الطرفين لن يكون، حسب رأيه، سوى هدنة لالتقاط الأنفاس.
دور قوات الدعم السريع
ورأى الأستاذ الجامعي السابق بجامعة أوهايو عبد الله عثمان أن قوى التغيير كسبت من الدعم الشعبي والزخم الإعلامي مما يمكنها من تقديم تصور متكامل لدولة مدنية، في وقت لا يملك فيه المجلس العسكري فرصة كبيرة للمناورة.
وتوقع أن يتم الاتفاق، في ظل الحكومة المدنية المقبلة، على قيام قوات الدعم السريع بالدور ذاته الذي تعهدت به للاتحاد الأوروبي بمكافحة الاتجار في البشر ومنع الهجرة غير النظامية عبر الصحراء الكبرى.
ولفت عثمان إلى وجود خيار آخر بأن يتم دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش السوداني، وحتى يتحقق ذلك فإن الفريق حميدتي مطالب بتنظيف سجله القانوني ومواجهة التهم المنسوبة إليه بشأن دوره في أزمة دارفور.
الجزيرة