حديث المدينة | عثمان ميرغنيعلى ضوء الشموع.. تستوي الخلافات!!
في الوقت الذي أثبت فيه الشعب السوداني تقدمه –بفارق كبير- على كل مكونات المشهد السياسي.. وملأ بأضواء الشموع شاشات الفضائيات وهو يحتفي بشهداء مجزرة فض الاعتصام في أربعينه.. في هذا الوقت العصيب تلتهب الخلافات بين قوى الحرية والتغيير حول أجندة المفاوضات مع المجلس العسكري.ومع تقديري لموقف الحزب الشيوعي الذي سطره بكل وضوح في بيانين، الأول صدر يوم الجمعة والثاني أمس السبت، إلا إن ما أثاره من نقاط تبدو أقرب إلى )ترتيب( أولويات..
ما يطالب به الحزب الشيوعي سيكون من صميم مهام الحكومة المدنية التي ينجبها الاتفاق المتوقع، ولا بد من عبور جسر هذا الاتفاق حتى تستطيع قوى الحرية والتغيير إنجاز مطلوبات كثيرة هي من عظم ولحم الثورة المجيدة.
لا بد من استلام السلطة أولاً، لتكون آليات وأدوات الحكومة في يد الثورة، وعندها يمكن التعامل السديد مع كل مطلوبات الشعب السوداني بمنتهى القوة.. تحت حراسة ورعاية كاملة من الشعب نفسه الذي أثبت أنه هو الأقوى بين كل مكونات الملعب السياسي السوداني.. بل ومعه المجتمع الدولي الذي لم يخفِ أبداً انحيازه لأجندة الشعب السوداني.
منذ اليوم الأول بعد انتصار الثورة في الخميس 11 أبريل 2019 ظللت أكرر إن توجيه الطلبات إلى المجلس العسكري وانتظار تنفيذه لهذه المطلوبات أمر مضر للغاية، فهو علاوة على ترسيخ سلطة المجلس العسكري يساهم في تأجيل مرحلة الانتقال إلى الدولة. وكلما تأجلت هذه الخطوة كثرت المخاطر التي أقلها شبح الراغبين في القفز إلى السلطة عبر الدبابة، أو أحلام النظام البائد في العودة إلى الحكم ممطياً سرج الفراغ الدستوري المخيف الذي يكبل بلادنا الآن.
ترتيب الأولويات نصف النجاح في أي عمل، خاصة عندما يتصل الأمر بمستقبل أمة كاملة ينتظرها كثير من المهام الجسيمة والقرارات الصعبة. والأجدر أن لا تختلف قوى الحرية والتغيير في مثل هذا التوقيت الحرج، قبل استلام مؤسسات الحكم خاصة الجهاز التنفيذي.
من الحكمة التراضي على العبور إلى الضفة الأخرى أولاً، تشكيل الحكومة وتدشين بناء الدولة الجديدة، فعلى أقل تقدير سيكون المجتمع الدولي قادراً على التعامل المباشر عبر مستوى الدولة مع قوى الثورة، وهو أمر مهم للغاية، فالحصول على الشرعية الدولية هي مفتاح الانتقال السلس إلى مربع تفكيك الأزمات وتوجيه قاطرة البلاد نحو المستقبل المأمول..
بالله عليكم.. أجِّلوا الخلافات قليلاً.. و راجعوا ترتيب الأولويات.. كل شيء ممكن.. في ميقاته المرسوم..