أستغرب لبعض الناس على كونهم يفرقون بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، وذلك على اساس أن الجيش مؤسسة قومية وتمثل الجميع ، بينما الدعم السريع عبارة عن مليشيا قبلية لا تعرف الإنضباط العسكري ، وأجد أغلب الناس يطالبون بسحب الدعم السريع من المدن وتعويض الفراغ بالقوات المسلحة أو الجيش السوداني ، والمراقب للوضع الأمني في السودان لن يلتبس عليه الامر بان هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، ولو تفحصنا الامور بنظرة ثاقبة وتركنا العواطف الشجية على المنضدة وراجعنا المشهد السياسي يطرق مخيلتنا سؤال واحد وهو .من الذي أنشأ قوات الدعم السريع ودربها على السلاح الثقيل ووفر لها المركبات وسمح لها بالتمدد داخل بقية المدن السودانية ؟؟ من الذي وفر لها الحماية القانونية وهي تقتل الشباب امام المدارس والجامعات وتمنع الإسعاف من الوصول للجرحى ؟؟الإجابة الصحيحة أنه الجيش نفسه ، وهو المستفيد الأول من العنف الذي ترتكبه هذه المليشيات المتفلتة ، فهي تؤمن سلطته المطلقة وتفتك بخصومه من المدنيين العزل ، لكن السؤال يبقى لماذا أعتمد الجيش السوداني على قوات الدعم السريع في حروبه ضد أبناء الوطن سواء في الهامش أو داخل عروض المدن ؟؟ ، وبذلك يمكنني توفير بعض الإجابات المناسبة وهي كالتالي :-
1- الجيش السوداني يريد تقديم قوات الدعم لتقوم بالأعمال القذرة والتي لا يستطيع الجيش النظامي القيام بها بحكم المسؤولية الدولية ، ويشمل ذلك الفظائع مثل الحرق والقتل والإغتصاب والتهجير القسري والمذابح الجماعية .
2- قوات الجنجويد كانت تعرف البيئة المحلية في دارفور أكثر من الجيش السوداني، فعامل الجغرافية والمعرفة بالطرق كانت من المزايا المتوفرة عند الدعم السريع ويفتقدها الجيش السوداني.
3- قوات الجنجويد او الدعم السريع تعتمد على مواردها الذاتية ولا تحتاج لموارد من الميزانية المخصصة للجيش السوداني ، وقد استطاعت هذه المليشيا و بجدارة من خلق اقتصاد بديل ومستقل عن الدولة تمثل في التنقيب عن الذهب والمعادن وفرض الاتاوات على التجار مقابل الحماية
4- طورت قوات الدعم اقتصادها الذاتي واصبحت على لا تعتمد على نظام الدولة البيروقراطي في صرف الأموال ، وأصبحت تتلقى الاموال مباشرة بسبب مشاركتها في حربي اليمن وليبيا
5- الولاء القبلي في قوات الدعم السريع حافظ على تماسك القيادة ممل سهل حركتها وحصنها من دعوات الإنشقاق ، كما أن هذه المليشيا مدت يدها لنظائرها في تشاد وافريقيا الوسطى والنيجر.
6- من المعروف عالمياً ان الناس يفقدون الثقة في الجيش النظامي عندما ترتفع حصيله خسائره البشرية في الحروب ،و لذلك لجأ الجيش السوداني لقوات الدعم السريع لتحارب نيابة عنه في مناطق النزاعات حتى يخفض خسائره البشرية ، وبحكم ان الدعم السريع مليشيا وليست قوات نظامية ، ولا أحد يعلم حجم قواتها بقيت خسائرها البشرية في طي الكتمان ، وفقدت قوات الدعم السريع العديد من عناصرها بسبب مشاركتها في العمليات الحربية في جبال النوبة واليمن ، ولكنها تكتم على هذه الخسائر ولا تصدر اي نشرات توضح فيها عدد القتلى أو الجرحي او الاسرى ، والإفصاح عن الخسائر تقوم به الجيوش المحترفة وليست المليشيات .
خلاصة ما أود قوله أن المسافة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي متقاربة لابعد الحدود ، فهي تحارب نيابة عن الجيش السوداني الذي حصر مهامه في السيطرة على الحكم ، فهذه القوات تقوم بالمهام القذرة التي لا يريد الجيش السوداني ان يتورط فيها كما حدث في أزمة دارفور ، وفض الإعتصام من امام القيادة العامة كانت من المهام القذرة التي اوكلها الجيش السوداني لقوات الجنجويد ، تماماً كما حدث في دارفور حيث تم نسخ نفس الصورة من القتل والسحل والإغتصاب .
سارة عيسى - فيسبوك