تعنت المجلس العسكري وجولة صلاح قوش
أسماء جمعه...... الأربعاء 22-5-2019
قبل يومين نقلت صحيفة مصادر خبراً يقول أن مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في عهد المخلوع البشير، السيد صلاح قوش في جولة خارجية ستستمر لفترة طويلة، وأنه قد التقى مسؤولين نافذين في المخابرات المصرية وسياسيين مصريين معنيين بالشأن السوداني، كما أنه سجل زيارة اجتماعية للسيد محمد عثمان الميرغني في مصر. كذلك زار أمريكا والتقى نافذين في البنتاغون ووكالة الاستخبارات الأمريكية وتناولت اللقاءات مجمل الأوضاع التي تجري الآن بالسودان وكيفية التعاطي معها مستقبلاً.. وتفيد متابعات (مصادر) أن قوش سيبقى خارج السودان لفترة قد تطول.
السؤال الذي يفرض نفسه من كلف قوش بهذه المهمة، فهل يا ترى ما زال يمارس عمله كمدير لجهاز الأمن وكانت استقالته تلك خدعة، أم أن المجلس العسكري ابتعثه ليقوم بمتابعة قضايا السودان إنابة عنه، فالأمر بلا شك ليس صدفة ولا قوش يقوم بهذا الدور للتسلية مثلاً.
هذا الأمر يكشف سوء نوايا المجلس العسكري من البداية عندما سقط النظام وتعامل مع مجرميه بمنتهى التساهل، فقد اكتفى بالقول إن قوش يخضع للتحقيق. ولم يقل إنه قيد الإقامة الجبرية حتى. وبحسب تصريحات لعضو المجلس العسكري السابق عمر زين العابدين قال إن قوش كان أحد قادة الإنقلاب الذين أطاح بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل، ثم تقدم قوش باستقالته لبرهان الذي قبلها وكأنه هو المستغني عن الخدمة، بل قبل يومين استدعته النيابة بتهمة قتل المتظاهرين وقالت إنها لا تعلم بوجوده خارج البلد، تخيلوا مستوى الاستهتار شخص متهم بهذه الجريمة النكراء يتم استدعاؤه وكأنه شاهد وليس مجرماً ويسمح له بمغادرة البلد بل يبحث قضاياها مع العالم عادي.
عموماً إن صح ما يقوم به السيد قوش من جولات باسم السودان فهناك احتمال واحد لا ثاني له وهو أن المجلس كلفه بمهمة اقناع المجتمع الدولي أن يترأس المجلس العسكري المجلس السيادي بأغلبية عسكرية وعليه أن يؤيد ما يصر عليه المجلس، وهذا هو سبب إصرار المجلس العسكري على رئاسة المجلس السيادي ورفضه التنازل لدرجة أنه هدد بانتخابات مبكرة هو يعلم إنها ستعيد النظام السابق مع بعض التغيير، وهذا الأمر مبرر برغبة المجلس الواضحة في حماية رموز النظام المخلوع والاستمرار في معسكر الإمارات السعودية مصر.
وقوف قوش المزعوم مع الثورة في الساعات الأخيرة لن يبرئه مما اقترفت يداه خلال رئاسته لجهاز الأمن مرتين ولسنوات، ولن يمنحه المجلس صكوك غفران تعيده للحياة السياسية ليكون جزءاً من صناعة المشهد القادم في السودان وإن كلفه المجلس بأية مهمة فهو يقترف جرماً كبيراً.
عموماً قوى الحرية والتغيير عليها أن تستعد فكل شيء متوقع، وأعتقد أن المجلس العسكري قد حسم أمره فيما يتعلق بالمجلس السيادي، وقوى الحرية والتغيير إما أن تقبل بعرضه الأخير هذا أو سيدخل معها في إجراءات أخرى قد تأخذ الأمور إلى التصعيد الذي يبدو أن المجلس العسكري قد استعد له دولياً من خلال ترتيبات يقوم بها صلاح قوش، والله يكضب الشينة.