عد انتهاج خط يتنافى مع الظرف الإنساني والضوابط المهنية
هيثم كابو : ينبغي على المجلس العسكري الحفاظ على قومية التلفزيون وإبعاده من لعبة التآمر المكشوف
إعلامي : منتجو فيلم (خفافيش الظلام) شركاء بالتحريض في جريمة فض الإعتصامالخرطوم : محمد الاقرع
(لم تسقط بعد) هي قناعة تترسخ في ذاكرة أي شخص يشاهد او يطالع ولو على عجلة تلفزيون السودان لان نفس الملامح مازالت بادية الإعداد الجنائزي والشاشة المعسمة والإخراج الركيك بالإضافة الى السمة الغالبة من إفتقار المصداقية وتجافي الموضوعية وتزيف الحقائق في كثير من الأحيان ، بعد نجاح الثورة في موجتها الثانية ظن الكثيرون أن أمام التلفزيون القومي فرصة جديدة لكي يحدث الإنتقال نحو الأفضل بل وكان بعضهم متفائلاً عند تعيين الإعلامي جمال الدين مصطفى في منصب المدير خاصة بعد أن بدأ على خجل تبني خط الثورة ولكن عقب فض إعتصام القيادة إنفضت الغشاوة وتبددت الأحلام وعاد تلفزيون كما يقول ناشطون في مواقع التواصل الإجتماعي الى ضلاله القديم حيث تبنى خط يتنافى مع الظرف الإنساني قبل الضوابط المهنية لدرجة أن بعضهم وصفه بأنه يشكل الآن أهم قوى الثورة المضادة في السودان ، لتطل التساؤلات من جديد عن أسباب الردة ودور القوة الناعم داخل هذا الجهاز في إعادة التوازن بالإضافة الى كيفية العبور الى مربع القومية وتقديم مادة مخدومة وفقاً للشروط المهنية .
خفافيش تعبث بالوطن :
بعد جريمة فض الإعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة كما ذكرنا أنفاً حدثت على مستوى الخط التحريري بل وعلى مستوى الهيكلة الإداري حيث تمت إقالة جمال الدين مصطفى الذي لم يمضى على تعيينه شهور معدودة وإحلال المخرج إسماعيل عيساوي في منصبه ليقوم الأخير بإصدار أولى قراراته بإبعاد عدد من العاملين المعروفين بمواقفهم القوية الى إدارات بعيدة ليست ذات صلة مباشرة بالتلفزيون الذي بدا متبنياً بكلياته خط المجلس العسكري بل وذهب أبعد من ذلك حين قام بنشر فيلم (خفافيش الظلام) الذي حاول من خلاله تشويه صورة الثوار وعكس إنطباع بأن ما كان يتم في جنابات الإعتصام لا يعدو كونه أحدى مظاهر الخلاعة والتحلل وكل ذلك من أجل خلق تأييد أو رسم تبرير لما تم ، ولعل هذا الفيلم وجد إمتعاض كبير لدى السودانيين حيث أبدى بعض المتواجدين بمواقع التواصل الإجتماعي إستياءهم منه بل حتى القوى السياسية في الجانب الأخر عقلت على ما تم بثه فقد قال القيادي بتجمع المهنيين مدني عباس مدني في حوار في أحدى الصحف أن الإعلام الرسمي أصبح يخوض في أخلاق وأعراض السودانيين بشكل رديء .
وعلق الصحفي أيمن كمون عن الفيلم مسار الحديث قائلاً : (في تقديري ان الفلم كان سقطة مهنية واخلاقية كبرى لم يستطع الذين صنعوه أن يمتلكوا شجاعة كتابة اسمائهم على المادة وذلك لعلمهم شناعة الفعل وسوداوية منتوجهم، واكتفوا بأن يقدموا مجموعة من الدعوات الكاذبة للبلاد على تتر النهاية).وأضاف كمون : (تقنياً الفلم خلا من اي عمل ابداعي او فني ولم يكن يحمل اي مضمون اخلاقي او جمالي ولم يكون فيه مايظهر انه مصنوع من سيناريو مكتوب او عمل درامي او برامجي ممنهج ومدروس ويمكن تسميته بعملية مونتاج فوضوي لمجموع مشاهد مأخوذة في ازمنة مختلفة ومشاهد مقطوعة او محذوفة بعناية بغرض معين تهدف لإيصال رسالة عمياء). وأشار أيمن الى أنه أول فيلم في تاريخ السودان يشوه صورة الشعب السوداني ويقدمه على انه مجموعة من المدمنين والزناة ومرتكبي الجرائم ، مبيناً أنه عمل استخباراتي موجهة بردة كبيرة لتنفيذ اجندة سياسية تخدم مصالح جهة بعينها كما أن صناع الفلم بتقديمهم للثورة السودانية بهذا الشكل الغريب الذي جعلها عبارة عن ماخور كبير وتجمع للأبالسة موضحاً أنهم قد شاركوا بنسبة كبيرة في عملية فض الاعتصام وهم شركاء بالتحريض في الجريمة التي تمت اثناء عمليات الفض. وعاد (كمون) وقال أن كل العالم قد اقر بسلمية الثورة السودانية وجمال أفعالها ومحاولتها لتغيير نظام دكتاتوري حكم السودان ، ومحاولة رسم صورة غير حقيقة عن شباب السودان وثورتهم هي عمل اجرامي يجب ان يحاسب مقترفه. وطالب بمحاسبة الجهة التي قامت بتنفيذه والاشخاص الذين شاركوا فيه وتقديمهم للمحاكمة لأن الفيلم في تقديري جريمة موجهة ضد دولة السودان والشعب السوداني.
إدانات متواصلة :
إدانة الخط التحريري الذي يتبناه التلفزيون القومي إمتد ليشمل بعض الكيانات المهنية حيث رفضت اللجنة التمهيدية لإستعادة نقابة الصحفيين السودانيين في بيان ما أسمته الردة التي تمارسها أجهزة الإعلام القومي عبر التضليل وتزيف الحقائق وحذرت اللجنة من عودة بعض عناصر النظام البائد للعمل في مفاصل أجهزة الإعلام الرسمي وممارسة نهجهم الشمولي وندد اللجنة بإثارة الكراهية والاصطفاف الجهوي والقبلي ودعا الى تحري الدقة كما شجبت اللجنة محاولة بعض الجهات لشراء الذمم محذره من عودة الأجهزة الأمنية وممارسة أدوارها القذرة في وسائل الإعلام عبر الترهيب والترغيب.
شبكة الصحفيين السودانيين من جانبها كتبت على الصفحة الرسمية بـ(الفيسبوك) قائلة : ( تلفزيون السودان هل يعيد تجربة رواندا ..؟ "تعرفون ماذا يجب أن نفعل بالصراصير؟" ، ستّ كلمات قالها مذيع راديو «التلال الألف» المحلي في رواندا صباح الخميس 7 إبريل عام 1994، أطلقت شرارة إحدى أسوأ مجازر الإبادة الجماعية في التاريخ) وأضافت الشبكة : (التلفزيون "القومي" ينحدر إلي الدرك الأسفل ويبث سموم الكراهية وينشر الأكاذيب) .
مجموعة مخب القط :
ويقول الإعلامي والكاتب الصحفي هيثم كابو أولاً الأمر المؤسف أن يحتفظ التلفزيون بأسم أو صفة (القومي) وهو لا يزال لعبه في أيادي الساسة والحاكمين وحارقي البخور وتنابلة السلطان وأن ضلوع التلفزيون في سيناريو تشوية الثورة المجيدة أمر مؤلماً فأن الأكثر إيلاماً أن تكون هذه المهزلة قد حدثت في عهد مدير التلفزيون القومي الجديد إسماعيل عيساوي ، فعسياوي كما يقول كابو أن جاء تعينه من قبل المجلس العسكري لتنفيذ مثل هذه السيناريوهات المفضوحة والمسرحيات الهزيلة فأننا كنا نأمل أن يربى بنفسه وأن لا يتحول الى إداة في إيادي المجلس يحركها كيما يشاء وسيتخلص من هذه الأداة متى ما أنتهت مدة صلاحية الغرض ويضيف كابو (عيساوي) ليس إدارياً رشحه حزب أو كادر ينتمي الى أي كيان سياسي لكنه للأسف أبن التلفزيون وترعرع في الحوش العتيق وكان الأجدر به أن يتحلى بأخلاق البلاط الإعلامي فإذا فرضوا عليه شي غير مهني فعليه أن يستقيل وان كان ما تم بثه يمثل قناعته فعلى (عيساوي) والتلفزيون الذي كان (قومياً) والعاملين فيه السلام . ويرى كابو بأن على الشرفاء والمهنيين داخل التلفزيون القيام بوقفة حاسمة و واضحة وصريحة وأن تكون لهم إدانة علنية سوى عبر البيانات أو من خلال الوقفات الإحتجاجية أمام الإذاعة والتلفزيون لان السقوط الذي سوده وجه شاشة تلفزيون السودان محسوبة على كل العاملين في الحقل الإعلامي ناهيك عن المنتمين للتلفزيون ويقترح أن تتم عملية تبرؤ كاملة حتى تشعر مجموعة مخالب القط بالعزلة عسى ولعل أن ترعوي مستقبلاً ورجع كابو وقال أن من أدمن مسح (الخوج) وعلق الأحذية لن ترتفع هامته شامخة عندما تكون المواقف الصعبة بقامة الجبال الرواسي الراسخة .
التآمر المكشوف :
ودعا هيثم كابو المجلس العسكري الإنتقالي أن يسعى للحفاظ على قومية التلفزيون وإبعاده من لعبة التآمر المكشوف حتى يجد التلفزيون الاحترام عند الناس وتحقيق نسبة مشاهدة معقولة مشيراً الى أن التلفزيون إذا كان هو أكبر جهاز إعلامي يفرد مساحة لأخبار ونشاط المجلس الإنتقالي فأنه من الذكاء أن يحافظ المجلس على إحترام الناس للجهاز الذي يبث أخباره حتى لا يبث أخباره في قناة لا يشاهدها أهضاء المجلس وحدهم وحينها سيكون عدد مشاهدين التلفزيون أقل من عدد العاملين فيه وختم حديثه قائلاً : (الإعلام صدق ومهنية ومتى ما خلع الجهاز الإعلامي رداء الصدق إنفض الناس من حوله).