حجب الإنترنت .. خسائر باهظة

مضى عليه أسبوعان  تقرير: عيسى جديد

ربما هي المرة الأولى التي تتجاوز فيها فترة انقطاع الإنترنت بصورة كاملة في السودان الأسبوعين، بعد أن اتخذ المجلس العسكري القرار عقب فض الاعتصام في الثالث من يونيو الجاري، وعلل المجلس العسكري ذلك بحسب ـ الناطق الرسمي الفريق شمس الدين كباشي ـ بأن الإنترنت مهدد للأمن القومي ولن يعود قريباً، فيما طالبت قوى الحرية والتغيير بعودة الإنترنت وكان مطلبها ضمن الشروط التي وضعتها للتفاوض، وعضد موقفها أيضا الطلب الأمريكي بعودة الإنترنت، إذ أنه حق مشروع وخدمة ضرورية للمواطن، ترتبط به قطاعات عديدة، علاوة على أنه يسهل المعاملات في عصر التقنية للحياة اليومية المختلفة، وأكد خبراء في مجال التقنية أن هذا الحجب تسبب في خسائر مالية كبيرة لكثير من السودانيين، وكذلك للمؤسسات المختلفة الحكومية والخاصة.
معاناة المواطنين
الشاهد أنه ومنذ حجب شبكة الإنترنت لم يستطع أغلبية المواطنين الذين يتعاملون مع البنوك عبر التطبيقات البنكية الذكية أو عبر الصرافات الآلية بالبطاقات، أن يسحبوا أي مبالغ مالية بسبب توقف جميع أجهزة الصرف الآلي وعدم توفر بديل عنها، لتأمين احتياجاتهم والنفقات اليومية، بينما فشل المواطنون في الحصول على بعض المستلزمات الضرورية من بينها الكهرباء التي انقطعت في أيام عصيبة، ولم يتمكنوا من سداد الفواتير عبر الإنترنت، كما أن كثير من المواطنين داخل السودان لم يجدوا طريقة للتواصل مع أقربائهم خارج البلاد أو في الولايات عبر تطبيق ـ واتساب أو فيسبوك ـ كما درجت العادة في الأعياد والمناسبات الكبرى.
غير أن إدارة الحج والعمرة أعلنت أن التعاملات سوف تكون بالوسائل القديمة عبر تقديم الأوراق والمستندات، بعد أن توقفت الخدمة الإلكترونية السابقة التي كانت ضمن برنامج الحكومة الالكترونية فى كل المؤسسات، وهذا لا ينطبق على إدارة الحج والعمرة فقط في التعامل مع المواطنين، بل أصبحت فى معظم المؤسسات الخاصة والعامة التي تتعامل مع المواطنين
قرار غير مدروس
يقول المهندس عمرو هاشم المتخصص في الشبكات العنكوبية أن هذا القرار غير موفق، وأضر بالكثيرين وليس بالناشطين فقط، وأشار إلى أن المجلس قصد الحجب ليشل النشاط الإسفيري، ويضيف أن قطع الإنترنت فى المرة السابقة فى عهد حكومة البشير أبان الاحتجاجات لم يكن كاملاً لكل الشبكة، بل كان عن مواقع التواصل فقط، ووجد المواطنون طريقة لكسره عبر استخدام برامج (سايفون) ، وأكد عمرو أن قطع الإنترنت يكبد شركات الاتصالات خسائر، وأن القرار يعتبر أول الضربات القوية الموجهة من المجلس "دون دراية منه" لقطاعات خدمية مختلفة .
فيما يعتبر كثير من المواطنين الذين استطلعتهم (آخر لحظة) أن قرار المجلس العسكري بقطع شبكة الإنترنت في البلاد أمر غير مدروس على الإطلاق، نظراً لما يترتب عليه من خسائر مالية وتعطل النشاط الاقتصادي في قطاعات عديدة، والمشكلة الأخرى هي عدم وضع المجلس لأي بدائل لحل المشكلة التي تسبب بها قطع الإنترنت في البلاد، رغم أن الخط الوحيد الذى يعمل الآن هو الخط الأرضي لشركة سوداني (ADSL) وهذا ليس واسع الانتشار ليغطي الفجوة التي حدثت بعد الحجب الكامل في كل مدن السودان .
أثر الحجب على الشركات
المدون الإلكتروني والإعلامي والمتخصص في الإعلام الاجتماعي، والمهتم بإثراء المحتوى السوداني على الإنترنت وائل مبارك خضر، يقول إن شبكة الانترنت تعتبر في السنوات الأخيرة وسيلة أساسية لإنجاز الصفقات التجارية وعمليات التفاوض والبيع بين الشركات المحلية والعالمية، وأشار إلى أن هناك مئات الشركات الناشئة والريادية في مجال التكنولوجيا دشنت في الخمس سنوات الأخيرة، والتي يعتمد عملها على الإنترنت كتطبيقات هواتف ومواقع إنترنت، بالإضافة إلى اعتمادهم على مواقع التواصل الإجتماعي كوسيلة اساسية لخدمة العملاء والاستجابة لاستفساراتهم و طلباتهم، و قال إن كثير من تلك الشركات لديها عملاء في الدول العربية، والآن توقفت بسبب انقطاع الإنترنت، مما تسبب في خسائر جسيمة، كما أن كثيراً من المواطنين وأصحاب المحال التجارية تضرروا جراء توقف تطبيقات البنوك مثل (تطبيق بنكك) من بنك الخرطوم والذي كان يعتبر من أكثر الوسائل المتبعة لإجراء المعاملات المالية والشراء عبر الإنترنت في السودان، وأشار وائل لـ(آخرلحظة) إلى خسائر الحكومة الإلكترونية والتي قال إنها كانت قد حققت مليار دولار خلال النصف الأول من 2017 (تقرير بانوراما الإنترنت في السودان 2018)، وقد قدرت خسائر السودان جراء انقطاع الإنترنت لليوم الواحد بـ 45 مليون دولار، كما أفاد البنك الدولي والاتحاد الدولي للاتصالات.

آخر لحظة