حديث المدينة
متوقَّع في غضون أيام أن يحتفل السودان بتوقيع الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.. ثم يُعلَن مجلس السيادة بجناحيه المدني والعسكري.. وبعده يُسمَّى رئيس الوزراء و بقية تشكيلة الوزارة..
بصراحة؛ لدي فكرة أرجو ألا تتعجل التحديق فيها.. امنحها قدرا من التروِّي الموضوعي بعيدا عن التفكير (المعلَّب)!!
من صدارة أولويات المرحلة الانتقالية بناء المؤسسات السودانية، فما أشقى هذه البلادَ إلا ضعفُ المؤسسية وتعملُق الفردية والذاتية.. من رأس الدولة إلى أصغر موظف فيها تدار بالمزاج الشخصي، وتنحسر مناسيب المؤسسية لدرجة يختلط فيها نابل الخاص بحابل العام ويصبح المسؤول هو المؤسسة، والمؤسسة هي المسؤول، حالة تماهٍ تصل مرحلة تلاشي الشخصية الاعتبارية للمؤسسة.
مثلا؛ مؤسسة سامقة عريقة عمرها يقترب من مائة وعشرين عاما هي جامعة الخرطوم.. هل ترونها بحجم اسمها ودورها الذي يجب أن تلعبه.. هل في زخم كل هذا الهدير الوطني سمعتم لها يوما أزيزا أو حتى أنينا.. سوى أنين فاجعة الدمار الذي حاق بها في(ليلة التنفيذ) لفضِّ الاعتصام الدامي..
بكل يقين لتصبح جامعة الخرطوم مؤسسة عملاقة تحمل فخر السودان لابد من تعلية أسوارها بمزيد من الاستقلال الذي يمنحها شخصيتها الذاتية.. ولتكون واحدة من مؤسسات الشعب السوداني التي يلجأ إليها عند البحث عن الحلول والخروج من أنفاق الأزمات..
ولأنها مؤسسة (تاريخية) ضخت للسودان أجيال المستنيرين الذين قادوا العمل العام في مختلف التخصصات، فلماذا لا نرسم لها دور العز الذي يجعلها تتفرَّد بمقام فخيم في الدولة السودانية.
مثلا: نجعل مراسم أداء القسم لأول وزارة بعد الثورة -ثم تصبح سُنَّة مستمرة- أن تقام في حديقة مكتبة جامعة الخرطوم.. المكتبة بمعمارها الشهير الذي تظهر به في الصور التاريخية والعملة الوطنية خلفية تعزِّز من الصورة الذهنية للجامعة في المخيِّلة الشعبية الجماهيرية..
صناعة الصور التمجيدية تشتهر بها الدول المتحضرة التي تحافظ على بروتوكوليات أحيانا تبدو لأعيننا التقليدية ضربا من الهزر والخفة، بينما في الحقيقة هي ملامح تصنع الصورة الذهنية للأمم المتحضرة.. ومن يشاهد البرلمان البريطاني ببساطته وجلوس النواب في (كنب) كأنهم فصل في مدرسة أساس في أقاصي السودان يظنُّها حالة شظف مادي وهي في الحقيقة منتهى الترف التاريخي المعتَّق..
دعوا الفضائيات العالمية والمحلية تنقل مراسم أداء القسم لمجلس الوزراء من حديقة مكتبة جامعة الخرطوم.. وسيأتي يوم يطلب فيها السواح الأجانب وضع مكتبة جامعة الخرطوم في برنامج زيارتهم للسودان..
وسامة وفخامة التاريخ ليست مجرد قصصٍ في الكتب ودروسٍ في المدارس.. هي إحساس!!.
التيار
متوقَّع في غضون أيام أن يحتفل السودان بتوقيع الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.. ثم يُعلَن مجلس السيادة بجناحيه المدني والعسكري.. وبعده يُسمَّى رئيس الوزراء و بقية تشكيلة الوزارة..
بصراحة؛ لدي فكرة أرجو ألا تتعجل التحديق فيها.. امنحها قدرا من التروِّي الموضوعي بعيدا عن التفكير (المعلَّب)!!
من صدارة أولويات المرحلة الانتقالية بناء المؤسسات السودانية، فما أشقى هذه البلادَ إلا ضعفُ المؤسسية وتعملُق الفردية والذاتية.. من رأس الدولة إلى أصغر موظف فيها تدار بالمزاج الشخصي، وتنحسر مناسيب المؤسسية لدرجة يختلط فيها نابل الخاص بحابل العام ويصبح المسؤول هو المؤسسة، والمؤسسة هي المسؤول، حالة تماهٍ تصل مرحلة تلاشي الشخصية الاعتبارية للمؤسسة.
مثلا؛ مؤسسة سامقة عريقة عمرها يقترب من مائة وعشرين عاما هي جامعة الخرطوم.. هل ترونها بحجم اسمها ودورها الذي يجب أن تلعبه.. هل في زخم كل هذا الهدير الوطني سمعتم لها يوما أزيزا أو حتى أنينا.. سوى أنين فاجعة الدمار الذي حاق بها في(ليلة التنفيذ) لفضِّ الاعتصام الدامي..
بكل يقين لتصبح جامعة الخرطوم مؤسسة عملاقة تحمل فخر السودان لابد من تعلية أسوارها بمزيد من الاستقلال الذي يمنحها شخصيتها الذاتية.. ولتكون واحدة من مؤسسات الشعب السوداني التي يلجأ إليها عند البحث عن الحلول والخروج من أنفاق الأزمات..
ولأنها مؤسسة (تاريخية) ضخت للسودان أجيال المستنيرين الذين قادوا العمل العام في مختلف التخصصات، فلماذا لا نرسم لها دور العز الذي يجعلها تتفرَّد بمقام فخيم في الدولة السودانية.
مثلا: نجعل مراسم أداء القسم لأول وزارة بعد الثورة -ثم تصبح سُنَّة مستمرة- أن تقام في حديقة مكتبة جامعة الخرطوم.. المكتبة بمعمارها الشهير الذي تظهر به في الصور التاريخية والعملة الوطنية خلفية تعزِّز من الصورة الذهنية للجامعة في المخيِّلة الشعبية الجماهيرية..
صناعة الصور التمجيدية تشتهر بها الدول المتحضرة التي تحافظ على بروتوكوليات أحيانا تبدو لأعيننا التقليدية ضربا من الهزر والخفة، بينما في الحقيقة هي ملامح تصنع الصورة الذهنية للأمم المتحضرة.. ومن يشاهد البرلمان البريطاني ببساطته وجلوس النواب في (كنب) كأنهم فصل في مدرسة أساس في أقاصي السودان يظنُّها حالة شظف مادي وهي في الحقيقة منتهى الترف التاريخي المعتَّق..
دعوا الفضائيات العالمية والمحلية تنقل مراسم أداء القسم لمجلس الوزراء من حديقة مكتبة جامعة الخرطوم.. وسيأتي يوم يطلب فيها السواح الأجانب وضع مكتبة جامعة الخرطوم في برنامج زيارتهم للسودان..
وسامة وفخامة التاريخ ليست مجرد قصصٍ في الكتب ودروسٍ في المدارس.. هي إحساس!!.
التيار