قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني “عبد الوهاب همت” والذي يعمل في موقع الراكوبة إن الأوضاع في السودان متأرجحة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، فكل طرف يحاول إملاء شروطه على الطرف الآخر.
وتابع همت في تصريحات لراديو “سبوتنيك”: “إن القوى الحقيقية التي يمكن الرهان عليها هي الثوار حيث يوجد ما بين الحين والآخر اثنين إلى ثلاثة ملايين مواطن في مكان الاعتصام لمواجهة القوات المسلحة أو القوات النظامية الاخرى والتي من بينها قوات الدعم السريع وجهاز الأمن وربما فلول النظام المندحر وهم من أسماهم علي عثمان محمد طه (كتائب الظل) ولوح بهم بإعتبارهم اليد الباطشة التي كانوا يعولون عليها في إخماد الثورة لكن خاب مسعاهم ،والهدف هو الضغط على المجلس العسكري الذي يصر على توليه مجلس السيادة بنسبة كبيرة كي يتمكن من كنس كل آثر المخلفات القبيحة والجرائم التي إرتكبها النظام السابق وطمث معالم كل الجرائم والفساد وتعطيل المحاكمات الخاصة بالمجرمين القتلة والمفسدين حتى ينفذ آخر مجرم بجلده من السودان وكما أصبح واضحاً وجلياً أن المجلس العسكري الحالي هو وجه قبيح آخر للانقاذ وهي التي رتبت لوجوده في هذه المرحلة”.
وبالنسبة لمحمد حمدان نائب رئيس المجلس العسكري السوداني، فقال همت: “توجد لديه قوة ضاربة كبيرة، فقد كان عدد القوات المتواجدة في الخرطوم حوالي 20 ألف وخلال الأسبوع الماضي أصبحت ما بين 40 إلى 50 ألف جندي من قوات الدعم السريع بعد أن تم جلبها من خارج العاصمة الخرطوم ليثبت سيطرته على مقاليد الأمور كما كان مسئولا في السابق عن تسفير عدد من قوات الدعم السريع لليمن للعمل مع قوات التحالف العربية وبالتالي فهو يحتاج إلى رسائل تطمين من قبل المملكة العربية السعودية لذلك جاءت رحلته بالامس إلى هناك خاصة وأن السودان هذه الايام أصبح قبلةً لمخابرات عدد من دول الاقليم كل يأتي وفق هواه وأهدافه المختلفة ، مع العلم بأن هناك دولاً خليجية كانت قد دفعت مليارات الدولارات كإستثمارات لها ذهب السواد الاعظم منها لعمر البشير وجماعاته بأشكالها المختلفة ولم يستفد منها شعب السودان في أي شئ في الوقت الذي يحتاج فيه إلى كل شئ”.
وأضاف همت أنه توجد خلافات ربما تكون شكلية داخل المجلس العسكري ورئيس الاستخبارات العسكرية “مصطفى محمد مصطفى” الذي استقال أمس تحت دعاوى المرض، وأشار همت إلى أن مصطفى كان في أحد كلماته قد تحدث بعنف شديد ولم يترحم سوى على شهداء القوات المسلحة ولم يهتم بأمر الشهداء المدنيين مع العلم بأن الجهة التي تم إتهامها بقتلهم هي قوات الدعم السريع لانها كانت ترتدي نفس زيهم العسكري وربما كانت أجهزة أمنية أخرى من بقايا الدولة (العقيمة) وهو يعتبر من المقربين جدا لعمر البشير وقد عمل الفريق مصطفى حوالي 35 عاماً في الجيش إلى أن وصل إلى قيادة الاستخبارات العسكرية ولم يغادر العاصمة الخرطوم إلا إلى جنوب السودان وكل الفترة التي قضاها خارج العاصمة لم تزد على الثلاثة أعوام وربما كان على خلاف حقيقي مع أعضاء المجلس العسكري، وتابع أنه ربما يعد الآن لانقلاب عسكري ينفذه في أي لحظة من اللحظات في محاولة منه لاسترجاع الأمور إلى سابق عهدها.
وأشارت مصادر خاصة داخل القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير إلى أنهم سمعوا من أعضاء المجلس العسكري إلى أنه كانت هناك محاولتين إنقلابيتين خلال الفترة الماضية تم إجهاضهما مبكراً، وما يدعو للريبة أن المجلس العسكري حاول ولعدة مرات أن يفض إعتصام الثوار من أمام مباني القوات المسلحة لكنهم تراجعوا أمام بسالة الثوار والذين واجهوا المحاولات بثبات أسطوري، بل أن من الثوار من إنتزع ملابسه وكتب على صدوره مرحباً بالموت وهذا إسترخاص للروح في مقابل الوطن.
الامر الذي لايختلف فيه الناس هو أن وجود الثوار المعتصمين هو الضامن الوحيد الذي يجعل أي مغامر إنقلابي يفكر مليون مرة في الأمر وفض الاعتصام يعني تمهيد الطريق أمام ديكتاتورية جديدة وربما (إنقاذ) أكثر بؤساً من سابقتها خاصة وأن فلول الظلام شرعت في التحركات والمجلس العسكري لا يحرك ساكناً تجاه المئات من رموز النظام البائد. والتفسير الوحيد أن المجلس العسكري يريد التمهيد لعودة (الانقاذ) بعد أن يمهد لها الطريق والثوار في الاعتصام أكثر وعياً وتشبثاً وكما يقولون سيظلون (صابنها) والجملة تعني البناء عن طريق السيخ والرمال والاسمنت وهو أكثر أنواع البناء متانةً