انتهت جولة امس حسب تصريح عضو وفد التفاوض الاستاذ صديق يوسف بان قوى اعلان الحرية و التغيير وقفت في مفاوضات الامس عند التمسك بالرئاسة الدورية و 50% + عضو من المقاعد لها .. بينما وقف المجلس العسكري عند التمسك بالرئاسة الدائمة له - اثناء الفترة الانتقالية- و 50% + عضو من المقاعد له. ومن هنا يتضح ان موقف قوى اعلان الحرية و التغيير هو الاكثر مرونة رغم هتافات مئات الالاف من المعتصمين بالقيادة : "حكومة مدنية او صبّة ابدية". غير ان المسافة ليست بعيدة بين الطرفين ..
دعنا نسال عن سبب القبول بمجلس سيادي مشترك؟ ..الاجابة أصل الاشياء ان يكون المجلس السيادي مدنياً.. لكن لحسابات سياسية و امنية ، و لضرورة رمزية وجود المدني و العسكري معاً في القصر الجمهوري خلال الفترة الانتقالية ، كما ان الطرفين في قوي اعلان الحرية و التغيير و المجلس العسكري قد تجاوزا نقطة الاحتكار الكامل للسيادة فلا هي مدنية خالصة و لا عسكرية فقط.. لكل هذه الاسباب تواضعت قوي الحرية و التغيير بعد الاتفاق على تحديد صلاحيات المجلس الرئاسي على الجلوس للتفاوض حول رئاستة و نسب المشاركة فيه تقاسماً مع المجلس العسكري. بالنسبة لي ، طالما هي فترة انتقالية.. و صلاحيات مجلس السيادة التي ينفرد بها هي تشريفية كما ذكر.. و لا يوجد ما يمس المواطن بصورة مباشرة اذا اعتمد السفراء الاجانب الجنرال برهان او الاستاذ صديق يوسف او حتي لوشي.. فلماذا "الكاروشة"؟ اتفق، ان "القصر" كبرت او قلت صلاحياته هو رمز السلطة .. و لا انكر رمزية كون الرأس مدنياً صرفاً بلا سوابق عسكرية ، لكن كاريزما الشخص الذي يشغل المنصب هي ما تعضد هذه الرمزية او تمنعها.
و الحقيقة افهم ان البعض تصيبه تلك "الكاروشة"لمجرد مشاهدة عسكري كرئيس للدولة حتى لو كان لفترة انتقالية.. و لكن دعنا ننظر بموضوعية.. ما سبب رفض ان يكون الرئيس عسكرياً ؟.. اولاً هذا من مخلفات الالفية السابقة و عدد دول تحصى على اصابع اليد حول العالم هي التي ما زال على راسها عسكري.. ثانياً معظم دول العالم المتقدم و المؤسسات الدولية تنظر بريبة الى دولة يترأسها عسكري باعتباره دليلاً علي عدم الاستقرار السياسي . و قد عانى السودان من وضع لا يحسد عليه خلال العقود الماضيات والآن آن الاوان ان تعود بلادنا الى وضعها الطبيعي في المنظومة الدولية.
مقترح قوى اعلان الحرية و التغيير الذي وقفت عنده في مفاوضات الامس معقول جداً و هو الرئاسة الدورية و 50% + عضو من المقاعد لها.. تقريباً للمسافة و تعجيلاً لبيان السواد من البياض و حتى ينصرف الناس لخيارات أخرى.. دعني أقدم مقترحاً يكاد يكون انبطاحي ، آخرون يرونه فعلاً هكذا .. بعدها بلا مفااوضات بلا بطيخ.. و الرأي او المقترح الذي ساقوله ما كنت لأجهر به عند بدء المفاوضات ذلك انه يُقدِّم آخر ما يمكن ان يُقدَّم من تنازل .. هذا المقترح يقسم الميزات و العيوب حيث يعطي الرئاسة لطرف..و الاغلبية للطرف الآخر.. وهو ببساطة فكرة بائع الخضار حين يقسم و يرصّ اكوام الطماطم.. فيجعل المشتري في حيرة اي الكيمان يشتري؟ لان كل كوم به ميزات و عيوب. و المقترح هو: ١+٢ . . او ٧+ ٨ او اي رقمين بين المعادلتين.. المهم ان الفرق بين الرقمين واحد صحيح.. شرط ان يكون الرئيس من فريق الرقم الاقل.. ايضاً في حالة ان الرئيس من فريق المجلس العسكري يشترط التقاعد و خلع البزته العسكرية .. بمعني ان يكون مجلس السيادة او الرئاسة مكون من ثلاثة :واحد عسكري و اثنين مدنيين او العكس ..أو سبعة مدنيين و ثمانية عسكريين او العكس .. وفي كل الحالات الرئيس من الفريق صاحب الرقم الاقل..على ان يتقاعد الرئيس لو كان عسكرياً كما اسلفنا.. ..قد تقول لي ان صوت الرئيس بصوتين .. اقول لك نعم .. و هذا يعني تساوي الاصوات في الامور الروتينية ما يضمن اتخاذ القرار دون تسلط ..اما في القضايا الحساسة فانها تحتاج الي الثلثين و كلا الطرفين لا يملك تلك النسبة بالسيادي .. و في كل الحالات ليس هناك قراراً مصيرياً يتخذه المجلس السيادي منفرداً .
لبني احمد حسين.