عثمان ميرغني ـ حديث المدينة
يبدو أن أسوأ ما كنا نخشاه، بات يقترب بسرعة.. حَفُلَ يومُ أمْسٍ بتطورات مثيرة.. وافقت قوى الحرية والتغيير -على الرغم من تحفُّظِ بعض مكوناتها- على مقترح الوسيط الأثيوبي.. قسمة مجلس السيادة مناصفة، سبعة أعضاء لقوى الحرية ومثلهم للمجلس العسكري، على أن يختار الطرفان العضو رقم (15) بشرط أن يكون مدنيا.
كان من المفترض أن يلتقي الوسيط الاثيوبي أمس بالطرفين ليحصل على الموافقة النهائية من كليهما.. لكن المجلس العسكري أجَّل اللقاء إلى اليوم، ثم من جانبه، أعلن الوسيط الأثيوبي تأجيل لقائه بمفاوضي قوى الحرية والتغيير دون أن يحدد موعدا جديدا.
يبدو أن المجلس العسكري كان يراهن على رفض قوى الحرية والتغيير لمقترح الوساطة فتُعفِيَه من إشهار موقفه.. لكن موافقة قوى الحرية والتغيير وضعت المجلس العسكري في المحك، ليس أمامه سوى القبول أو رفض مقترح الوساطة الاثيوبية، ويبدو أن الرفض سيكون هو الجواب النهائي.. طبعا مغلَّفا بحيثيِّات دبلوماسية من شاكلة أن المجلس العسكري يتطلَّع لموافقة مبدئية من الاتحاد الأفريقي على تبنِّي الوساطة الأثيوبية لتكون إقرارا برفع تعليق عضوية السودان في حال تنفيذ مقترح الوسيط الأثيوبي.
المواقف النهائية ستتَّضح اليوم من خلال الرد الرسمي من المجلس العسكري أو مواصلة الوسيط الأثيوبي لمجهوده بلقاء وفد الحرية والتغيير.. لكن على الرغم من ذلك فإن المشهد العام يتجه نحو مزيد من الغوص في وحل الأزمة.
الفريق أول محمد حمدان دقلو(حميدتي) في خطابه الجماهيري أمام مواطني شرق النيل أعاد فتح التفاوض حول تقسيم مقاعد المجلس التشريعي “البرلمان”، رغم أنف الاتفاق السابق الذي قضى بتخصيص 67% من المقاعد لقوى الحرية والتغيير.
لكن كل هذا “كوم”، وكوم آخر ما بدا وكأنه ملامح انشطار في صفوف الحرية والتغيير، السيد التوم هجو العائد توًّا من المهجر السياسي شنَّ هجوما كاسحا على رفقائه في الحرية والتغيير، في سياق مؤتمر صحفي عقده نهار أمس بمركز “طيبة برس”.. ورغم أن حديثه لا يحمل صفة رسمية لأيِّ كيان في تحالف الحرية والتغيير لكنه ينطق بلسان حالٍ مستتر تقديره “نداء السودان”.
في تقديري الآن وفي هذا التوقيت الذي يتطلَّع فيه الشعب السودانيُّ بلهفة للخروج من عنق الزجاجة، ليس من مصلحة أحد أن يراهن على شقِّ صف قوى الحرية والتغيير، فلعبة (فرِّق تسد) مارسها النظام المخلوع حتى الثمالة فأطاحت به في نهاية المطاف.. من الحكمة أن يقدِّر المجلس العسكري الظرف الخطير الذي يتجه نحو الهاوية.. فيتخذ القرار السليم في التوقيت السليم.. ويواقف على مقترح الوساطة الأفريقية دون مساس بالاتفاق السابق في المستويين الآخرَيْن، التنفيذي والتشريعي.
حذاري من الحسابات الخاطئة، الحسابات التي {…كَسَرَابٍ بِقِيْعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَه لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا…}.
التيار