الدكتور العلامة جعفر ميرغني لفت نظري إلى ملاحظة تاريخية عجيبة.. قال لي أن السودان الذي بلغ من العمر الآن أكثر من ستين سنة، لم يتمتع بحكم رئيس مدني على الإطلاق.
في الفترة الانتقالية الأولى قبل وبعد الاستقلال حكم السودان (مجلس سيادة) يتكون من خمس شخصيات..
في الفترة الانتقالية الثانية بعد ثورة أكتوبر 1964 حكمنا (مجلس سيادة) من خمس شخصيات..
في الفترة الانتقالية الثالثة بعد انتفاضة أبريل 1985 حكم البلاد(مجلس سيادة) يتكون من خمس شخصيات.
ولم يحكم السودان رئيسٌ مدنيٌّ إطلاقا.. فكل الذين تولَّوا حكم السودان تحت مسمى وظيفة (رئيس جمهورية) هم في الحقيقة عسكريون أتوا بانقلاب عسكري ثم صنعوا انتخابات على قدر مقاساتهم ليصبحوا رؤساء جمهورية.
وملاحظة دكتور جعفر ميرغني تعيدني لسؤال طرحته في الأسبوع الأول بعد انتصار الثورة المجيدة قبل أن تبدأ المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، سألتُ؛ لماذا مجلس سيادة؟ ولماذا أكثر من رئيس؟ خاصة أن السلطات أصلا صورية؟
وهذا السؤال طرحته على عدد من الساسة ولم أجد أية إجابة مفيدة.. كل ما في الأمر أننا تعوَّدنا بعد كل دورة حكم ديكتاتوري أن نختار للرئاسة مجلسا سياديا من خمس شخصيات.. تأتي بهم محاصصة حزبية أو إقليمية (كأن يكون أحدهم من جنوب السودان)..
الآن؛ ورغم أن هذه الثورة صنعها شباب غالبهم من مواليد ما بعد الألفية الثالثة إلا أن العادة القديمة تظل سارية بلا أدنى تمحيص أو مراجعة.. بل ويتفاوض الطرفان على مجلس سيادة أحيانا يصل إلى (15) عضوا فليس مطروحا على الإطلاق أن يكون خمسة كما كان عليه الأمر في الماضي…
أليس من الحكمة– طالما أن باب المفاوضات فُتح من جديد- أن يعاد النظر في حكاية (مجلس سيادة)! لماذا لا يكون رأس واحد؛ (رئيس جمهورية) مفرد بنفس الاختصاصات التي اتفق عليها الطرفان للمجلس السيادي؟
الاتفاق على (رئيس جمهورية) واحد ينهي أزمة تقسيم المجلس السيادي بين المدني والعسكري.. ويريح الشعب السوداني من دفع فاتورة تنصيب شخصيات لا نملك لهم حتى مجرد مكاتب بعددهم في القصر الجمهوري..
أكرر اقتراحي القديم.. لا داعي لمجلس سيادي متعدد الرؤوس، الأجدر أن نختار رمزا سياديا واحدا مثل كل دول الدنيا..
الموافقون يقولون نعم.. نعم
المعترضون يقولون لا.. لا أحد…
أُجِيز الاقتراح بالإجماع..